
في العشر سنوات الأخيرة شهدت آلاف الأسر السعودية بمختلف المناطق نقلة نوعية في ارتفاع مستوى المعيشة وذلك لتوفير وظائف للنساء في المدارس وسعودة كثير من الوظائف في سوق العمل واشتراط العنصر النسائي لمزاولة بعض المهن لمساسها الكبير بالنساء ومعظم هؤلاء النسوة أمهات ومسؤولات عن أسر وإن لم تكن المسؤولة المباشرة عن ميزانية الأسرة فهي داعم قوي . هذا التحول الكبير بحاجة لوعي اقتصادي مفقود أدى لظهور جيل مترف نتيجة للإغداق الغير مقنن بل اللاواعي
في تكذيب كبير للبرمجة السلبية التي قالت لنا ( فاقد الشيء لايعطيه) فقد تربينا نحن في جو أسري محدد لمصدر المال هو الأب فالأمهات لم تكن موظفات ولا الأخوات فعشنا الوسطية المنشودة الآن
فنجد أطفالاً يقود أحدهم سيارته متشبث بمقودها يحاول رفع جسمه النحيل ليرى طريقه وصغيرات يحملن أفخم وأغلى الهواتف النقالة يتباهين بها لتزداد معاناة الواعيات من الأمهات لعدم تلبية رغبات بناتهن وفي دورات أمومة أتطرق أحياناً لطرح سؤال مامقدار المصروف اليومي للمدرسة لطفلك أوطفلتك فتأتي الإجابات المحزنة ١٥ريال ٢٠ريال وأخرى تقول أنا أعطيها وأبوها يعطيها في إشارة لازدواجية التربية المُخلة وأخرى تُصرح : لكوني موظفة بنفس المدرسة فلها حساب مفتوح في المقصف أسدده مع نزول الراتب شهرياً وأخريات يُومئن برؤوسهن نعم ونحن كذلك .
هذه السلوكيات خَلقت جيلاً أفسده الإغداق فانتشر العقوق والتمرد واستنزاف الوالدين واللامبالاة وتهاوت الأحلام والخطط لدى الفتيات والشباب للمستقبل والجد لتحقيقها فهم في وقت تحقيق الأمنيات السريع سيارات هواتف رفاهية ولن تستطيعي أيتها الأم ولا أنت أيها الأب توفيرها والاستمرار عليها بعد عمر العشرين له ولعائلته
ومتطلبات الحياة الشاسعة لتأتي المشكلات الأكبر التي تتخطى حائط الأسرة لمجتمع ليس لأمثال ماربيتم مكان فيه
يقول العالم الجليل ابن خلدون ص٣٧٤ (.. إن الترف إذا بلغ غايته انقلب إلى الفساد..) (إنّ الأخلاق الحاصلة من الرفاهية والترف هي عين الفساد لأن الإنسان إنما هو إنسان بقدرته على جلب منافعه ودفع مضاره بنفسه والسعي في ذلك وتحمُّل العمل الشاق.. والمترف المرفه لا يقدر على مباشرة حاجته والقيام بما يتطلبه إما عجزاً أو ترفعاً لأنه مربى في النعيم وكلا الأمرين ذميم).. ثم يصف الغارق في الرفاهية بأنه (.. هو فاسد في طرق الحصول على المال ليستمر في الحصول على الترف الذي اعتاده ولم يعد يصبر عنه، وهو فاسد في قدرته على العمل الجاد المنتج للمال، فيفسد في خلقه ودينه وتفسد إنسانيته ويصير مسخاً على الحقيقة..)