
ألف الإمام الشافعي كتبا للمسائل الفقهية عندما كان في دمشق وعند ذهابه إلى مصر التقى في طريقه اليها بعلماء ونقلة الحديث فزاد إلى علمه علوم وتوسعت افكاره وازدادت مداركة نضجا ما جعله يغير في بعض المسائل الفقهية عندما تبين له الأنسب منها وأكد على الغاء ماسبق حرصا منه على الا يسير عليها الناس ! ، كنت استعجب واسائل نفسي .. الشافعي غير في المسائل الفقهية وبدل لأنه التقى بعلماء أضافوا اليه ما أضافوا ولم يتشنج لآرائه السابقة !!! ونحن عاجزون ان نغير قراءتنا وفهمنا للنصوص بما يتناسب مع العصر الذي نعيشه !!!!!!! كيف للقرن الخامس عشر الهجري أن يحيا زمنه بفكر وفتاوى القرن السابع الهجري وما قبله !!!!؟؟؟ وكيف للبعض ممن سبق أن يؤلفوا مجلدات في الفتوى ولم يكتفوا بما كان عليه السلف ؟؟ ألم يكن هذا منهم إلا ليقينهم بأن لكل زمان مايناسبه !!!!؟؟
ماجعلني اكتب مقالتي أن الناس اصبحوا يعيشون في ازدواجية وتناقض فما كان محرما بالأمس اصبح حلالاً اليوم !! مالذي تغير !! حتى اصبحنا نسمع من يطعن صراحة في المفتين والفتاوى ويؤلمنا ذلك ونضطر السكوت لأن الإزدواجية التي نسمعها ونقرأوها منهم تصيبك بالجنون ، لذا لابد من وضع ضوابط صارمة وضابطة لهذا العبث حتى لايفقد الناس الثقة في مشائخنا ولا نكون مضغة في الأفواه ، كثيرا ماكنت اسائل نفسي ومن حولي عندما كنا ندرس كانت الأحكام متعددة من ( محرم ولا يجوز إلى مندوب مكروه مباح حلال ) ولكني وغيري لم نكن نسمع سوى الإفتاء وبكثرة لكلمة محرم وفتاوى اخرى بحلال ولعل غايتهم الخوف من عواقب الفتيا !! أو لسهولة الفتيا فهي إما ابيض وإما أسود فلا رمادي فيها والنتيجة تم التضييق على خلق الله والتشديد عليهم !!!
فكم من مستقبل جميل وئد بسبب قتوى في غير محلها وكم من فتوى جعلتنا في ذيل الأمم والعالم يسبقنا !!! ، لم يأخذوا من الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عندما كان يستفتيه من حوله في الحج فيرد عليهم ” بإفعل ولا حرج ” ولم يستشفوا من سيرة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب حين أوقف حد السرقة في عام الجماعة والسبب هو أن الظروف تغيرت عن سابقها …!!
ظهر الشيخ القرني مع مقدم برنامج الليوان الأستاذ محمد المديفر ليصرح بإعتذاره بإسم الصحوة عن التشديد والأخطاء التي خالفت الكتاب والسنة والدين المعتدل مما أحدث بلبلة جارفة هزت عقول وكيان المتشددين والأجيال التي أولعت ولا تزال بطريقته في الدعوة و حماسته في إثارة المشاعر وتقليبها والتي كان يبث فيها من الحماس ماجعل بعضها يجند نفسه لمحاربة الوطن الذي منحه كل المساحات و الصلاحيات ليلقي محاضراته ومواعظه وليجعل من بعض الشباب المملوء بالحماس أنصال تغرز في خاصرة الوطن !!!؟؟؟ ويقابل ذلك فريق آخر اخذ من اعتذاره بابا للسخرية والتهكم وكُسر الباب على علمائنا لأظنه يصلح ..؟!!
لأقل من لحظة ما تمنيت اعتذاره الذي وإن كان جريئا فيه ومغامرا إلا انه مافطن جيدا لردات الفعل التي ستعقب اعتذاره لدى كل من يعرفه من مؤيدين أو مناوئين من داخل المملكة وخارجها ، لم يفطن إلى من حرمهم الحياة ولذتها وافاقوا على اعتذاره بعد أن رحل بهم قطار العمر !!! ومافطن لبعض الأسر والتي بث الحماس في ابنائها فقضوا نحبهم في ظل حماسهم لقراءات ايات القتال !! وقضوا نحبهم في الجهاد المزعوم ، فكم من قلوب محروقة باتت تدعوا منذ اعترافه بالويل والثبور عليه ، أمور كثيرة مافطن اليها ومنها لقاؤه بتميم !! وما دار بينهما ولماذا تأخر تصريحة لهذه النقطة بالذات !!! وووأمور اعجز عن طرحها وأجدني ملجمة كغيري من الذين احترقوا من إعتذارة ..
والسؤال هل كان عايض القرني ساعة افتائه أو إفتئاته على الله يعلم بأنه كان على صواب إن كان كذلك فلا لوم عليه فهو هنا ضحية لغيره من المفتين كما له ايضا ضحاياه !؟؟ في ظل الإنفتاح المعرفي والتقاؤه بالثقافات المتعددة هل تبين له خطأ ماكان يظنه صوابا ايضا فصرح بإعتذاره و هنا لا لوم عليه … ، أما اذا كان يعلم في بدايات الصحوة بخطأ ماهو عليه ومع ذلك خاض مع الصحويين في خوضهم الذي طال من البلاد والعباد فأرى أنه لابد وأن يأخذ الأمر توجها آخر معه .!!
أحي له إعتذاره ولكن ليته لم يتهور ويتجرأ على الإعتذار بهذه الصورة المباشرة ، كم كنت أتمنى أن يكون اعتذاره متدرجا وكما يقولون حبة حبة ” أو بإنتهاج الوسطية كسلوك في محاضراته القادمة وعفى الله عما سلف لكن بهذه الصورة التي يضرب فيها عرض بعمر أُذهب هباء ، حقيقة ليته مافعل ، وكم من قرني آخر انتهج نفس النهج ولم يصرح ..
هناك مصطلحات نسمع عنها ولا نرى لها أي صدى في الواقع فهي كالمعتاد مجرد شعارات رنانة حيث ننعق بما لا نفهم اونقول مالا نفعل ومنها “الفقه المعاصر ”
” وفقه المرحلة ” أين هي لم لانسمع عن تكوين فريق من الثقات والمعتدلين ليصدروا فتاوى تتناسب مع العصر بلا تمييع أو تمطيط للثوابت ..
وختاما .. يبقى الدين وتوابته والوطن خطوط حمراء لايمكن تجاوزها بأي حال ..