
هناك بُعدان بين الضحية والجلاد (فكلاهما مرتبط بالآخر ، وكلاهما لايطيق الأخر )، ففي الحالة الأولى وهي الإرتباط يُلاحظ أن لكل قصة اضطهاد طرفان لم يقررا فجأة أن يصبحا هكذا كل واحد في طرف خاص يمثل فيه ضدية الآخر لولا تظافر ظروف وأحداث لايمكن لها أن تترتب بنفس الكيفية لولا وجود حالة من الحتمية التي لايمكن تجاهلها ، وهي حتميةٌ قهريةٌ تجمع كل الأقطاب المتنافرة في مدار واحد مع مابينهما من الاختلاف فأنى لذلك أن يحدث لولا القدر ..
إن حالةً من الشر والخير يمكن لهما أن تصطرعا في ذات واحدة فتتأرجح معها النفس بين حالاتها المختلفة فلاحالة الشر طغت حتى عرفتنا بمطلق الشر في داخل سين من الناس ولا حالة الخير يمكن لها تسود دائما لتعلن الفائز في داخل هذا السين من الناس …
إن حالات الاستعداد النفسية والعقلية للخير والشرِّ التي يمكن للناس أن تفاجئنا بها ذات علاقة كبيرة بمكونات البيئة التي تحيط بنا ، فليست القضية قابلية للشر أو محبة عقلية له ولكنها مجموعة من نوازع السلوك وبواعثه تحضر ذات لحظة فيحدث الزلزال وربما الغيث والخير ومن المعلوم أنه حتى صاحب الشر لن يكون سعيداً بسلوكه الشرير في أي وقت كان فكيف يمكن أن له أن يتقبله !؟
إن حالات النزق لدى أكثر الناس ليست عرضاً فقط بل هي نتيجة حينا لتراكمات حدثت عبر السنين ، ويحدث في أحايين أخرى أن تعتري الإنسان لوثة لحظية تترك ندوبا وشروخاً لاتُمحى ، وتبقى خيارات الفعل الواعي أو غير الواعي في داخل كل واحد منا مجرد تفاعلات مع حالة من القبول أو الرفض لواقع صنعناه نحن أو وجدناه كماهو ولكن في الحالتين لكل قرار من قراراتنا ضحايا عرفنا ذلك أو لم نعرف .