
عندما يحاول أحد المؤلفين أو أحد (المشخصاتية) أن يرسم شخصية ما في منطقة ما يجب عليه أولا دراسة هذه الشخصية دراسة وافية متكاملة, ما يستوجب الذهاب إلى المنطقة المعنية والاندماج في مجتمعها, والبحث عن أدق التفاصيل التي تعينه على رسم الشخصية الحقيقية التي يريدها, حتى وإن كانت شخصية سلبية, لكن إقحام أي ممثل في شخصية من شخصيات المجتمع دون أن يدرك أبعاد ما يقوم به فتلك جناية تستحق العقاب.
ما قدمه مسلسل (شباب البومب) عن الشخصية الجازانية فيه من الإسفاف والاستهزاء والتحقير ما يوجب المطالبة الحقوقية والملاحقة القانونية لكل من ساهم في رسم تلك الشخصية السخيفة المزيفة التي لا تتطابق مع واقع الشخصيات الجازانية الحقيقية الإيجابية منها أو السلبية, الفقيرة أو الغنية, فمنطقة عظيمة مثل (جازان) منطقة الشهداء التي تقدم أبناءها فداء للوطن,وفي معظم البيوت صوان للعزاء, تستحق منى الكثير, وهي منطقة كأي منطقة سعودية فيها علماؤها وأدباؤها ومؤرخوها, وفنانوها, وجازان ليست منطقة فقيرة كما يتوهم المقيطيب ليظهر بتلك الثياب المهترئة وتلك الشخصية العفنة, فالشباب الجازاني بما يمتلكه من ثقافات متعددة وعلم وأدب وأخلاق فاضلة وكرم, لن يكون إطلاقا كما ظهر في شباب البومب, وهناك أسماء معينة تتميز بها جازان لكن (كفتة) اسم دخيل عليها وغير معترف به.
وماذا نقول عن جهل المؤلف باللهجة التي أهانها الممثل, مستخدما أم الطمطمانية في محلها وفي غير محلها, وهذه ليست اللهجة الجازانية فمنطقة جازان مترامية الأطراف وفيها عدد من اللهجات تختلف بين جنوبها وشرقها عن شمالها وغربها وسواحلها وجزرها, وكان الأولى بالكاتب أن يعطي دروسا خاصة للمثل والمخرج بأن هذه اللهجة التي امتهنها الممثل هي لغة حميرية سامية وقديمة لأمة عظيمة كانوا ملوك الأرض قبل أن تطأ أقدامهم عليها, ولهم صيت ذائع قبل أن تخلق كثير من اللهجات واللغات, وأم الطمطمانية لا تدخل على كل الكلمات بل لها خصوصية معينة في دخولها للتعريف, فهي لا تدخل مطلقا على الأسماء المعرفة, بمعنى لا تدخل على اسم (جيزان أو صبيا) فاللهجة الحميرية لا تنطق (أمجيزان), ولا (أمصبيا), وليعلم الأحبة في مسلسل البومب أن هذه اللهجة محل اعتزاز الجازاني المتعلم وغير المتعلم, حتى أولئك الذين يحملون شهادات أكاديمية عليا وتعلموا في أوروبا وأمريكا ومعظم أهل منطقة جازان كذلك وفيهم العلماء والكتاب والمعلمون والأطباء والمهندسون وهم قادرون على تغيير اللهجة أو استخدام اللغة البيضاء التي يفهمها كل أهل المملكة لكنهم يعتزّون بلهجتهم الأصيلة كما يعتز النجدي والحجازي بلهجتيهما, والطمطمانية ليست في جازان فقط بل هذه اللهجة ممتدة في تهامة وجبال السراة, لأن البلاد كلها ذات أصالة تاريخية مرتبطة بتراثها القديم ما قبل التاريخ, وقد تحدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه وفد اليمن عندما سألوه بذات اللهجة عن الصيام في السفر فقال عليه الصلاة والسلام: ( ليس من أمبر أمصيام في أمسفر), فاللهجة ليست معيبة لأهلها بل يقدسونها ويدافعون عنها وهي دليل تراث وأصالة يجب الحفاظ عليه, وكل عام وأنتم بخير.